وكالة أنباء الحوزة - اتّجه موكبُ السبايا نحو قصر الإمارة، مخترقاً جموع أهل الكوفة وهم يبكون لما حلّ بالبيت النبويّ الكريم، ولما اكتسبت أيديهم وخدعت وعودهم سبطَ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلم) وإمام المسلمين الحسين(عليه السلام)، وها هم يرون أهله ونساءه أُسارى، وها هو رأسُ السبط الشهيد يحلّق في سماء الكوفة على رأس رمحٍ طويل، وقد دعوه ليكون قائداً للأمّة الإسلاميّة وهادياً لها نحو الرشاد.
حدّقت زينب(عليها السلام) بالجموع المحتشدة، ومرارة فقدان أخيها تملأ فمها، وذلّ الأسر يحيط بموكبها، نظرت إلى أهل الكوفة نظرة غضبٍ واحتقار، وخطبت بهم خطبةً مقرّعةً ومؤنّبة.
أُدخل رأسُ الحسين(عليه السلام) الى القصر ووُضع بين يدي ابن زياد-لعنه الله-، فأخذ يضرب الرأس الشريف بقضيبٍ كان في يده، وعليه علاماتُ الفرح والسرور، ثمّ أُدخل النساء والأطفال وعلي بن الحسين(عليه السلام)، فانبرى ابن زياد مخاطباً زينب(عليها السلام) وشامتاً بها: الحمدُ لله الذي فضحكم وقتلكم وكذّب أحدوثتكم، فردّت عليه بلسان المرأة الواثقة من أهدافها: (الحمد لله الذي أكرَمَنا بنبيّه محمد-صلّى الله عليه وآله-، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنّما يُفتَضَح الفاسقُ ويكذّب الفاجرُ وهو غيرُنا).
فقال ابنُ زياد: كيف رأيتِ فعلَ الله بأهل بيتك؟، قالت: (أولئك قومٌ كتَبَ الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجِعِهم، وسيجمعُ الله بينك وبينهم فتحاجّون إليه، وتختصمون عنده).
فجاء الدورُ بعد ذلك للإمام السجاد(عليه السلام) ليقف أمام عبيد الله بن زياد، فسأله: مَن أنت؟ أجاب: (أنا عليّ بن الحسين). فقال: ألمْ يقتل اللهُ عليَّ بن الحسين؟ فردّ عليه: (كان لي أخٌ يُسمّى عليّاً قتلَه الناس). فقال ابن زياد: بل قتله الله. فردّ عليه الإمام (عليه السلام): (اللهُ يَتَوَفّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)، فغضب ابنُ زياد لردّ السجّاد(عليه السلام) ونادى الجلاوزة: اضربوا عنقه. فتعلّقت عمّته زينب(عليها السلام) به وصاحت: (يا بن زياد حسبُك من دمائنا، والله لا أفارقُه فإنْ قتلته فاقتُلْني معه)، فتراجع عن ذلك.
ولم يقف حقدُ ابن زياد وقساوته وأسلوبه الوحشيّ الى هذا الحدّ؛ بل راح يطوف في اليوم الثاني برأس الإمام الحسين(عليه السلام) في شوارع الكوفة، يُرهب أهلَها ويتحدّى روح المعارضة والمقاومة فيها.
رمز الخبر: 361343
١ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٢١:٠٧
- الطباعة
وكالة الحوزة - يذكرُ أربابُ السير أنّه في اليوم الثاني عشر من المحرّم سنة (61هـ) وصل موكبُ سبايا أهل البيت(عليهم السلام) الى الكوفة، بعد أنْ تحرّك من كربلاء في اليوم الذي سبقه قاطعاً الصحارى، حاملاً معه الذكريات الموحِشة والمؤلِمة لليلة الفراق والوحشة التي قضوها على مقربةٍ من مصارع الشهداء، بعد استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، ففزع أهلُ الكوفة وخرجوا الى الشوارع، بين متسائلٍ لا يدري لمَن السبايا، وعارفٍ يُكفكفُ أدمعاً ويُضمر ندماً.